أخر الموضوعات

السر الخامس: الرغبة المشتعلة لبلوغ الهدف.

السر الخامس: الرغبة المشتعلة لبلوغ الهدف.

لتكن رغبتك مشتعلة تحمل بها مشعل النجاح والتميز.
دعني أسألك بداية: هل يستطيع احد أن يجبرك على أكل طعام وأنت لا تحبه ولا ترغب فيه؟ وهل لأحد أن يمنعك من تحقيق عمل ما وأنت ترغب في القيام به؟ وهل لأحد أن يمنعك من أن تقوم الآن وتصلي فريضة الظهر،العصر ...أو لم تسمع الآذان؟ هيا لنصلي الفريضة عزيزي القارئ !.
    أنا اعرف إجاباتك عن هذه الأسئلة ، حتما ستكون ب "لا" ، لأنك عزيزي القارئ إنسان عاقل ، فأنت مدير نفسك وتميز بين الصواب والخطأ بين النجاح والفشل، بين الكرامة والذل: لأنك ذو كرامة وعزة نفس ولا تحب أن تكون ذليلا ولا فقيرا، إلا أن تكون ذليلا وفقيرا إلى الله جل في علاه لان في هذا الأخير متعة لا تضاهيها متعة ولا سعادة.
    لا يمكن أن نتحدث عن الرغبة المشتعلة دون أن نتحدث عن العزيمة وقبلها الدوافع باعتبار هذه الأخيرة هي وقود الرغبة وناقلتها من مرحلة الغيبوبة إلى مرحلة النشاط والحماس والفعالية.
 دعني بداية أقرأ معك هذه القصة التي أوردها إبراهيم الفقي في كتابه المفاتيح العشرة للنجاح:

يحكى أن شابا ذهب إلى احد حكماء الصين ليتعلم منه سر النجاح ، وسأله:"ما هو سر النجاح؟"فرد عليه الحكيم بهدوء:" سر النجاح هو الدوافع "،فسأله الشاب "ومن أين تأتي هذه الدوافع؟"،فرد عليه الحكيم الصيني :" من رغباتك المشتعلة "، وباستغراب سأله الشاب :" وكيف تكون عندنا رغبات مشتعلة ؟"،..وهنا استأذن الحكيم لعدة دقائق ، وعاد ومعه وعاء كبير من الماء، وسأل الشاب  :" هل أنت متأكد بأنك تريد أن تعرف مصدر الرغبات المشتعلة ؟" ،فأجاب الشاب بلهفة :" طبعا"،فطلب منه الحكيم أن يقترب من وعاء الماء وينظر فيه، ونظر الشاب إلى الماء عن قرب وفجأة ضغط الحكيم بكلتا يديه على رأس الشاب ووضعه داخل وعاء الماء !!ومرت عدة ثوان ولم يتحرك الشاب ، ثم بدأ يخرج رأسه ببطء ، ولما بدأ يشعر بالاختناق بدأ يقاوم بشدة حتى نجح في تخليص نفسه، وأخرج رأسه من الماء، ثم نظر إلى الحكيم الصيني وسأله بغضب :" ما هذا الذي فعلته؟"فرد عليه وهو مازال محتفظا بهدوئه وابتسامته سائلا:" ما الذي تعلمته من هذه التجربة؟"، فقال الشاب :"لم أتعلم شيئا"، فنظر إليه الحكيم الصيني قائلا:" لا يا بني لقد تعلمت الكثير ، ففي  خلال الثواني الأولى أردت أن تخلص نفسك من الماء ، ولكن دوافعك لم تكن كافية لعمل ذلك ، وبعد ذلك كنت دائما راغبا في تخليص نفسك ، فبدأت في التحرك والمقاومة، ولكن ببطء حيث إن دوافعك لم تكن قد وصلت لأعلى درجاتها بعد، وأخيرا أصبحت عندك الرغبة المشتعلة لتخليص نفسك ، وعندئذ فقط  نجحت لأنه لم تكن هناك أي قوة باستطاعتها أن توقفك"، ثم أضاف الحكيم الصيني الذي لم تفارقه ابتسامته الهادئة " عندما تكون لديك الرغبة المشتعلة للنجاح، فلن يستطيع أحد إيقافك".

الرغبة المشتعلة صاروخ عابر للقارات(الحواجز النفسية والمادية) يصيب الهدف بالفعل.
أنا متأكد بالضبط كما أخاطبك الآن ، بأنك لو فرض عليك موقف مماثل لاستطعت أن تخلص نفسك من الموت، إذ أن الشيء الذي دفعك لتخليص نفسك من الموت هو دافع البقاء ، بحيث لو لم تكن لدينا دوافع قوية لما استطعنا أن نخلص أنفسنا من  العوائق التي تعترض طريق نجاحاتنا، لان هذه الدوافع هي التي تحفز وتشعل تلك الطاقة الكامنة في دواخلنا وأعماقنا والتي لا حد لها وبالتالي توقظ ذاك البركان النشيط الذي يخدمنا ويخدم ارتقاءنا وتقدمنا في سلم النجاح والتميز،
نعم عزيزي القارئ إنها الدوافع التي لها قوة خارقة في نجاحنا ، فلولا الدوافع لما حاولنا أن نغير الوضع الذي نعيش فيه ولضعنا في صحراء اليأس والقلق والتياهان، ولما كان لحياتنا معنى :أي أننا نعيش بدون هدف محدد، نستيقظ كل صباح، لا ندري ماذا سنفعل وكيف سنفعله وبأي وسيلة ودافع سنفعله، ولماذا أصلا سنستيقظ من فراشنا : إنه الملل المميت.
   سأعطيك مثال بسيط أوضح لك فيه قوة الدوافع : ركز معي جيدا لو لم يكن لك دافع التميز والنجاح في امتحانات الباكالوريا ، هل كنت ستذاكر وتراجع وتنهمك في التخطيط لنجاحك في هذا الامتحان،وتسهر الليالي الطوال؟ ! طبعا "لا"، وبكل تأكيد سترسب في الامتحان الذي يمكن أن يكون محددا لمصير مستقبلك ،لأنه ليس لك دافع قوي ومعنى لهذا النجاح أصلا.
الرغبة المشتعلة بركان منفجر لا يمكن أن يقف في طريقه أي عائق أو حاجز صخري.
كذلك لو لم تكن أسرتك فقيرة جدا ولا تتوفر حتى على سكن تسكنه، فهل كنت ستقعد متفرجا مكتوف اليدين تتلذذ بفقر أسرتك وفقرك أيضا ؟ ! أكيد ستبحث عن كل وسيلة لتحسين وضعية أسرتك وتعيش معها في أحسن حال، لأنك تعرف في الأصول وتعرف القيم والمبادئ وتعرف ما يقوله الله تعالى:" وبالوالدين إحسانا". 
    الحياة عزيزي القارئ كلها على هذا النحو، وكل هدف يمكن أن نقيسه على ما تم ذكره، فإذا أردت أن تحقق أهدافك فينبغي أن تكون لك دوافع كافية ، لكن من نِعم الله علينا فإن هذه الدوافع غالبا لا نحتاج لصناعتها لكنها تصنع نفسها بنفسها وتفرض نفسها عليك بدون أن تبحث عنها، إنها هبة من الله ليغير حياتك بها، ومن تم فلا بد علينا أن نتحلى بالشجاعة والرغبة المشتعلة لان هذه الأخيرة تكسر في طريقها لنجاحك، كل الحواجز والعراقيل مهما كانت خطورتها وقوتها وتجعلك تنجح وتبلغ القمة بغض النظر عن كل من يمارس النقد الآثم ويريد أن يحبط قواك ويثبط من عزيمتك:
الرغبة الشديدة المشتعلة للوصول هي القوة الدافعة التي تمكنك من التغلب على أي عائق يظهر في طريقك: إنها محرك طائرة النجاح التي أنت على متنها في طريقك نحو العلى
ولكن ما أجمل أن تكون رغبتك هذه في بلوغ المرام مسقية بحب الله تعالى وبركاته، لأنك عندها ستصل بكل أرياحية وبكل توازن وستستمتع حقا بكل ما حققته وستحققه، حتى لو حققت ابتسامة صغيرة بريئة في وجه أحد الأطفال ، أو حتى ابتسامة في وجهك نفسك وأنت تنظر إلى المرآة ، جربها وسترى الأثر الكبير على نفسيتك أولا ثـــم على الناس من حواليك.
" أن أرغب وأن ترغب فهو شيء عادي جدا ، لكن المثير للدهشة هو أن أرغب وترغب في رغبة الله وإرادته ومشيئته ، لأنه تعالى هو أعلم بك من نفسك"

لا تنسى عزيزي القارئ فالله عز وجل يحبك أن تنجح ليس فقط في الدنيا الفانية ولكن في الدنيا والآخرة، بل يحبك أن تنجح أكثر من حبك لنجاحك، حتى ولو أظهر لك العكس ، فما عليك إلا أن تبتسم:
   " ابتسمت عندما لم أحصل على ما أريد وفهمت بأن الله يريد لي أن أحصل على أكثر مما أريد فصبرت وابتسمت من جديد "  
يقول الشيخ الشعراوي :  '- لا تعبدوه ليعطي بل اعبدوه ليرضى فإذا رضي أدهشكم بعطاياه -.
أرأيت كم هي حكمة رائعة وجميلة ، لكن لن أتذوقها وتتذوقها إلا إذا جربتها وجربت عبادة الله وحبه جل في علاه، عندها فقط ستستوعب هذه القولة وتسعد كثيرا.
    دعني الآن عزيزي القارئ أتحدث معك باختصار شديد ذو دلالة ومعنى، عن المفهوم الثاني المرتبط اشد الارتباط بالرغبة المشتعلة: انه مفهوم أكثر قوة وفعالية في تحقيق الهدف وبلوغ المرام إنه مفهوم " العزيمة":
العزيمة تعني إرادة التنفيذ بصدق وجدية وبفعالية عالية مع استحضار جميع الأدوات اللازمة وإتقان جميع المهارات الضرورية للعمل.
"فإذا عزمت فتوكل على الله "
   والله عزيزي القارئ ما خاب من توكل على الله جل في علاه،.
لهذا لا تنسى لحظة : أن تتوكل على الله عز وجل وتفجر تلك العزيمة من داخلك.


لا تنس أخي الفاضل أختي الفاضلة: أن تهتم أكثر وأكثر بالدوافع التي تنبع من داخلك، قال _ رالف والدوامرسون_:'ما يوجد أمامنا وما يوجد خلفنا يعتبر ضئيلا جدا بالمقارنة بما يوجد بداخلنا'. ولا تبحث عن تلك الدوافع المتعلقة بالغير، لا تتعلق بتلك التي يمكن أن يعطيها إياك الآخرون، قال احد حكماء الصين:'ما ينشده الرجل السامي يجده في نفسه وما ينشده الرجل العامي يجده في الآخرين 'بل حاول أن تفجر الرغبة انطلاقا من عقلك الباطن، لأنه كما قال:_بنيامين فرانكلين :' نظرات الآخرين لنا هي التي تهدمنا ...ولو كان من حولي من العميان ما عدا أنا لما احتجت لثياب أنيقة، ولا لمسكن جميل، ولا لأثاث فاخر' بالتأكيد انطلاقا من قناعاتك، وعندها ستكون هذه الرغبة أكثر فعالية لأنها ملكك، لا ثم لا ثم لا: تأبه بالنقد الآثم فانا أؤكد لك بأنك ستتلقاه من اقرب الناس إليك، ولكن أنت وهدفك حتى النهاية وعندها سيعرف الجميع مدى القوة التي وهبت لك بقدرة قادر، لا تنتظر كما قال -مارتن توين-:' يمكن الانتظار متمنيا حدوث شيء ما يجعلك تشعر بالرضا تجاه نفسك وعملك، ولكن يمكنك أن تضمن السعادة إذا أعطيتها لنفسك بنفسك '.  – لو انتظرت تقدير الناس لك لمت مخدوعا -
 أخيرا أقدم لك تهاني الحارة لأنني لمست فيك رغبة وعزيمة كبيرتين في تحقيق الهدف الذي تفكر فيه الآن ، وستحققه بإذن الله تعالى، رافقني فقط ودقق قراءة حروفي هاته المتواضعة
ابتسم معنا
كان هناك رجل لا يتكلم مع زوجته، فكتب لها في ورقة :غدا أيقظيني على الساعة السادسة صباحا ! ،لكنه لما نام لم يستيقظ حتى الثانية عشرة زوالا، فوجد زوجته قد كتبت له في ورقة : إستيقظ يا زوجي ، إنها السادسة صباحا.
عش بالله ولله وابتسم للحياة.

ليست هناك تعليقات