أخر الموضوعات

السر الأول:الجزء الثاني اتق الله يذهلك بعطاياه

السر الأول:الجزء الثاني اتق الله يذهلك بعطاياه 'وكيف أتق الله'


إن النجاح في الماديات ليس عيبا، يجب علينا فقط أن نغذي هذا النجاح بتقوى الله والتقرب إليه سبحانه ، لكي ننعم بالسعادة الحقيقية التي يصبو تحقيقيها كل إنسان في هذه الدنيا مهما علا شأنه أو نزل.
      ربما عزيزي القارئ تسال نفسك : وكيف اتق الله؟ نعم سؤال مهم جدا ، في الحقيقة، الأمر يسير لكنه يحتاج هنا إلى وقفة جادة مع النفس ، لكني أوجهك إلى كتاب الله وسنة رسوله عليه السلام، وحتى لا تشعر بالصعوبة فانا سأقترح لك ولي خطة عملية، يجب علينا التمسك بها حتى نفلح في الدنيا والآخرة، ونكون من المتقين  المتمسكين بحبل الله وهي مصنفة إلى : 
التسامح:
1- سامح نفسك أولا بعد التوبة إلى الله تعالى من الذنوب والمعاصي.
2- سامح أسرتك:أبوك وأمك، إخوانك، اهلك جميعا من قريب ومن بعيد .
3- سامح الناس أجمعين مهما أخطئوا في حقك ومهما ظلموك، انطلق من نفسك دوما : ألا تحب أن يسامحك الآخرون؟ بالتأكيد تحبذ ذلك، فأنت تبتغي مسامحة الناس لك إذا أخطأت في حقهم، إذن فكيف تجد صعوبة اكبر في مسامحة الآخرين إذا أخطئوا في حقك؟ وأنت في حاجة إلى عفو الله ومسامحة الناس لك، انظر إلى عفو الله جل في علاه الذي يغفر ويسامح ويمحو كل زلاتنا وخطايانا التي لا عد لها وبلا مقابل ، وتمعن في قول الشاعر:
   
رب إن عظمت ذنوبي كثرة***فاني علمت بأن عفوك أعظم.
   إن كان لا يرجوك إلا محسن***فبمن يلوذ ويستجير هذا المجرم.
نعم فنحن نخطئ ونذنب بالليل والنهار ومع ذلك ندعو الله الغفور الرحيم فيغفر لنا ويسامحنا ، فعن ابن مــالك رضـي اللـه عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:' قال الله تعالى:" يا ابن ادم انك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم انك لو آتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لآتيتك بقرابها مغفرة".
    اعلم وأنا على يقين بأنك قد بكيت لما قرأت هذا الحديث لأن قلبك وفطرتك سليمة وفي باطنك خير عظيم مهما كانت ذنوبك وخطاياك، فالله سيغفرها لك ويسامحك عليها، ما عليك هو أن تسرع بالتوبة والأوبة إليه جل جلاله، وفي الأخير أقول لك : سامح الناس لأنك تحب أن تسامح  :- ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء -، أو تذكر معي عزيزي القارئ قصة الأعرابي الذي دخل إلى مسجد رسول الله عليه الصلاة والسلام وتبول فيه بحضور خيرة الصحابة والرسول عليه السلام ، فقام عمر، وما أدراك ما عمر الذي كان يخاف منه الشيطان، واستل سيفه وأراد أن يفصل رأس الأعرابي ، لكن رحمة وتسامحه عليه أزكى الصلوات والتسليم حالت دون ذلك فقال عليه السلام لأصحابه اتركوه حتى يكمل بوله لأنه عليه السلام خاف على الأعرابي من المرض إذا قطع بوله، وقال للصحابة نظفوا مكان البول بالماء ، فلما رأى الأعرابي ما رآه من تسامح الرسول عليه السلام تجاهه اقترب إلى خير خلق الله وقال قولة عجيبة دلت على أن التسامح يورث الحب والمودة :" اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا ". أرأيت أثر التسامح في النفوس البشرية مهما كان طبعها أو تربيتها أو حتى دينها، لان الذات البشرية جبلت على حب الخير أكثر من الشر.
إذن عزيزي القارئ ، أخي الفاضل أختي الفاضلة: سامح أنت الرابح ، سامح لتسترح ، سامح تٌسامح، سامح يحبك الناس ...

أحب في الله:

الحب كلمة تملأ الدنيا سعادة وطيبا. الحب شعور أبيض من الحليب وانصع من الصفاء إن حاولت أن تدركه فلن تستطيع إلا بالحب نفسه.
  فأحب أولا لا قبله احد ، أحب الله واهبك الحياة والمتفضل عليك بكل النعم التي لا تحصى، أحبه حبا حقيقيا، يقول الإمام الشافعي رحمه الله :

تعصي الإله وأنت تظهر حبه.... هذا محال في القياس بديع.

لو كان حبك صادقا لاطعته ..... إن المحب لمن يحب مطيع.
في كل يوم يبتديك بنعمة......  منه وأنت لشكر ذلك مضيع .


فعليك أخي أختي ، بالحب في الله ولله ، أحب الناس فيه ، قل لامك ، لأبيك، لإخوانك ... لأصدقائك، إني أحبكم في الله حبا صادقا نابعا من القلب إلى القلب لا خداع فيه وكيف يكون في الحب خداع، فما أجمل كلمة الحب نطقها يسير وأثرها في النفوس كبير ، إنها تملأ الوجه نورا وضياء والقلب حياء ورقة وسعادة، قال الرسول الكريم عليه أزكى الصلاة والتسليم :
قال الله تعالى:"وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في، والمتزاورين في، والمتباذلين في.
ما رأيك عزيزي القارئ ، إني والله احبك في الله بحق ما يجمعنا في هذه الدنيا من كلمة " لا إله إلا الله محمد رسول الله".، أنا متأكد بأنك تحب الناس، فجرب أخي هذه الكلمة كم هي رائعة ومؤثرة : أحب الناس لا لمالهم أو جاههم أو نسبهم أو منصبهم أو سلطتهم أو جمالهم أو...ولكن أحبهم لأنهم إخوانك في الله ، ولأنهم أقرباؤك، ولأنك تحب لهم النجاح والتميز ليس في الدنيا فحسب ولكن في الدنيا والآخرة، فأحب بإخلاص : الله تعالى والناس أجمعين وابغض في الله  بمعنى لا تكره الشخص ذاته ولكن ابغض انتهاكه لحرمات الله ، لأنك إذا كرهته نفسه فلن تتمكن من دعوته إلى الله. نعم إذا أحببت في الله فان الله يحبك وإذا احبك ناد في السماء إني أحب فلانا ويناديك باسمك لعلك: سعيد احمد أو عبد السلام :أو فاطنة، زهرة ، فتيحة... ويقول لملائكته إني أحب فلانا(ة) فأحبوه ، فيجعل الله لك القبول في الأرض وبين خلقه.
العطاء:
  العطاء كلمة مرتبطة أشد الارتباط بالحب في الله ، فالحب هو أساس العطاء.

   نعم العطاء بدون شروط ، إعط لله وفي الله ، حبا في ذاك الذي تعطيه، اعط ولا تمن (لا تقل أنا أعطي ولا احد يكترث بي)، إعط لأن الله يستقبل  منك ، ما دمت لا تشكو ، لأن الله لا يضيع اجر من أحسن عملا، يقول تعالى:" وما أنفقتم من خير فان الله سيخلفه" . والعطاء لا نعني به كل ما هو مادي لكن العطاء يشمل ما هو مادي ومعنوي ، أن تبتسم في وجه أخيك فهذا عطاء لأنه تكتب به لك صدقة وقس على ذلك" وتبسمك في وجه أخيك صدقة، بالفعل فالحب أساس العطاء ، تخيل معي انك لا تحب شخصا ما، أو تستطيع إعطاءه ولو ابتسامة، بالطبع ألف لا، يقول تبارك وتعالى:
"فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى" 
  فأحب الناس لتعطي ما تقدر عليه، وأعط لتسعد وتسعد قلوب الناس والمحرومين وتنال محبتهم، إخلاصهم وأعلى الدرجات في الدنيا والآخرة.

الإيمان بالله:
 أن تؤمن بالله يعني أن تصدق قلبا وسلوكا (عملا) بكل ما أمر الله عز وجل به وكل ما نهى عنه.
     فإذا آمنت بالخالق تعالى فتيقن بأنك ستذوق حلاوة الإيمان وما أدراك ما حلاوة الإيمان، إنها تغطي الحزن لتجعله سعادة عارمة وفرحا، وتمزج بالعذاب والمعاناة لتجعلها بلسما ومرهما شافيا، وباليأس لتجعله أملا مشرقا تضفي عليه نورا صداحا، فقد سئل بلال الصحابي الجليل مؤذن المسلمين، كيف استطاع أن يصبر لعذاب الكفار له ؟ فقال فيما معناه: مزجت حلاوة الإيمان بمرارة العذاب فغلبت حلاوة الإيمان مرارة وقساوة العذاب.
   أدعو الله تعالى، اطلب منه المساعدة ، لا تظلم الناس فالظلم ظلمات يوم القيامة.
تذكر انك  مؤمن وقبل ذلك مسلم، ومن علامات إيمانك أن تندم وتبكي على خطيئتك وذنوبك ومعاصيك وترجع إلى سبيل الهدى ونور اليقين.
    ولطالما تريد النجاح والتميز فلا بد وان تعطي الناس حقوقهم ومن العطاء والحب في الله أن تكتم أسرار إخوانك ، وان تبتعد عن الغيبة والنميمة وكل ما يضر الآخرين ويجرح شعورهم وأحاسيسهم، 
    اسمع مني هذه الكلمات الرنانة التي قالها الإمام الشافعي رحمه الله:
أروع القلوب قلب يخشى الله ، وأجمل الكلام ذكر الله وأنقى الحب، الحب في الله . قد مضى العمر وفات يا أسير الغفلات فاغنم العمر وبادر بالتقى قبل الممات.
 أجمل من الورد وأحلى من الشهد ولا تحتاج لجهد :"سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده " ، كررها أخي المسلم لتزين جنتك بها وليطمئن قلبك.
اقرأ وتمعن في كلمات كشك رحمه الله تعالى، حول الاعتماد على الله:

من اعتمد على الناس...مل .
ومن اعتمد على ماله ...قل.
ومن اعتمد على علمه... ضل .
ومن اعتمد على عقله...اختل.
ومن اعتمد على الله فلا مل ولا قل ولا ضل ولا زل ولا اختل...
الطاعة:
قال جل في علاه:" وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"     
    فيجب علينا كمسلمين أن نطيع الله عز وجل في كل ما أمر به من صلاة وصوم وزكاة وحج و..,، وأن نتجنب كل ما نهى عنه من سرقة وزنا وخمر وفحشاء وسوء الخلق...، فأطع الله تعالى فيما أمر به وفيما نهى عنه ، وأسال أهل الذكر إن كنت لا تعلم، لماذا ؟ لأنك تحب الله تعالى والمحب لمن يحب مطيع ، فاجتنب كل ما يضر جسمك وخاطرك من الكلام والسلوك وحافظ على الأمانة التي وهبك الله إياها: أمانة العقل والجسد ونعم أخرى إن حرصت على تعدادها فستعجز بالفعل ، واشكر الله عليها، حتى يزيدك الله من فضله ويبهرك بعطاياه التي لا تنفذ ولا تنقضي.
   لأنك عزيزي القارئ وأنا معك إن لم نطع الله فحتما سنذوق مر الدنيا وعذاب الآخرة والعياذ بالله تعالى من شر لظى وسقر، يقول تبارك وتعالى :" ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ، قال رب لما حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى..." سورة طه الآية 122. فكن لبيبا في اختيار سبيل النجاة.
   عزيزي القارئ الكلام يطول والصفحات لا تنقضي في الحديث عن تقوى الله جل في علاه، لكن لا تتعجل فسأختم هذا السر العجيب، بقصة عجيبة، ستعرف من صاحبها، فقط اقرأها بقلبك وعقلك وكل جوارحك وتفكر: إنها قصة الشاب والتفاحة وليس أي شاب وإنما الشاب المؤمن الورع الذي يبتغي وجه الله تعالى:

ليست هناك تعليقات