السر الأول:الجزء الثالث اتق الله يذهلك بعطاياه 'قصة الشاب والتفاحة'
السر الأول:الجزء الثالث اتق الله يذهلك بعطاياه 'قصة الشاب والتفاحة'
يحكى انه في القرن 1 هجري، كان هناك شابا تقيا يطلب العلم ومتفرغ له ولكنه كان فقيرا ، وفي يوم من الأيام خرج من بيته من شدة الجوع ولأنه لم يجد ما يأكله انتهى به الطريق إلى احد البساتين إذ كان احد أغصان شجرة منه متدليا في الطريق ...،فحدثته نفسه أن يأكل هذه التفاحة ويسد بها رمقه ولا احد يراه ولن ينقص هذا البستان بسبب تفاحة واحدة ...فقطف تفاحة واحدة وجلس يأكلها حتى ذهب جوعه ولما رجع إلى بيته بدأت نفسه تلومه وهذا هو حال المؤمن دائما، جلس يفكر ويقول كيف أكلت هذه التفاحة وهي مال لمسلم ولم أستأذن منه ولم أستسمحه.
فذهب يبحث عن صاحب البستان حتى وجده فقال له الشاب يا عم بالأمس بلغ بي الجوع مبلغا عظيما وأكلت تفاحة من بستانك من دون علمك وهاأنذا اليوم أستأذنك فيها، فقال له صاحب البستان : والله لن أسامحك بل أنا خصيمك يوم القيامة عند الله عز وجل، بدأ الشاب المؤمن يبكي ويتوسل إليه أن يسامحه وقال له أنا مستعد أن اعمل أي شيء بشرط أن تسامحني ، لكن صاحب البستان لا يزداد إلا إصرارا، وذهب وتركه والشاب يلاحقه ويتوسل إليه حتى دخل بيته وبقي الشاب عند البيت ينتظر خروجه إلى صلاة العصر...فلما خرج صاحب البستان وجد الشاب لازال واقفا ودموعه انحدرت على لحيته فزادت وجهه نورا غير نور الطاعة والعلم فقال الشاب لصاحب البستان يا عم إنني مستعد للعمل ...
إنني مستعد
للعمل فلاحا في هذا البستان من دون اجر باقي عمري أو أي أمر تريده بشرط أن تسامحني!.عندها اطرق صاحب البستان يفكر ثم قال يا بني إنني مستعد لأسامحك
الآن بشرط، ففرح الشاب وتهلل وجهه فرحا وقال اشترط ما بدا لك يا عم ...فقال صاحب
البستان شرطي هو أن تتزوج ابنتي ! صدم الشاب
من هذا الجواب وذهل ولم يستوعب بعد هذا الشرط ثم أكمل صاحب البستان قوله ...ولكن
يا بني اعلم بان ابنتي عمياء ،صماء وبكماء وأيضا مقعدة لا تمشي ومنذ زمن بعيد وأنا
ابحث لها عن زوج أستأمنه عليها ويقبل بها بجميع مواصفاتها التي ذكرتها ، فان وافقت
عليها سامحتك ! صدم الشاب مرة أخرى بهذه المصيبة الثانية
وبدا يفكر كيف يعيش مع هذه العلة خصوصا انه لا زال في مقتبل العمر ؟ وكيف تقوم
بشؤونه وترعى بيته وتهتم به وهي بهذه العاهات؟ بدا يحسبها ويقول اصبر عليها في
الدنيا ولكن أنجو من ورطة التفاحة يوم القيامة !!
ثم توجه إلى صاحب البستان وقال له يا عم لقد قبلت ابنتك وأسال الله أن يجازيني على حسن نيتي وان يعوضني خيرا مما أصابني ، فقال صاحب البستان حسنا يا بني موعدنا يوم الخميس المقبل، عندي في البيت لوليمة زواجك وأنا أتكفل لك بمهرها، فلما كان يوم الخميس جاء هذا الشاب متثاقل الخطى ...حزين الفؤاد..منكسر الخاطر ...ليس كأي زوج ذاهب إلى يوم عرسه. فلما طرق الباب فتح له أبوها وادخله البيت وبعد أن تجاذبا أطراف الحديث قال له يا بني تفضل بالدخول على زوجتك وبارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما على خير وأخذ بيده وذهب به إلى الغرفة التي تجلس فيها ابنته فلما فتح الباب ورآها فإذا هي فتاة بيضاء أجمل من القمر قد انسدل شعرها كالحرير على كتفيها فقامت ومشت إليه فإذا هي ممشوقة القوام وسلمت عليه وقالت له السلام علي يا زوجي ...
أما صاحبنا فهو قد وقف في مكانه يتأملها وكأنه أمام حورية من حوريات الجنة نزلت إلى الأرض ...
وهو لا يصدق ما يرى ولا يعلم ما الذي حدث ولماذا قال أبوها ذلك الكلام...؟
ففهمت ما يدور بخاطره فذهبت إليه وصافحته وقبلت يده وقالت له إنني عمياء من النظر إلى الحرام وبكماء من الكلام في الحرام وصماء من الاستماع إلى الحرام ولا تخطوا رجلاي خطوة إلى الحرام... وإنني وحيدة أبي ومنذ عدة سنوات وأبي يبحث لي عن زوج صالح فلما أتيته تستأذنه في تفاحة وتبكي من اجلها قال أبي إن من يخاف من أكل تفاحة لا تحل له ، أحرى به أن يخاف الله في ابنتي فهنيئا بك زوجا وهنيئا لأبي بنسبك.
وبعد عام أنجبت هذه الفتاة من هذا الشاب غلاما كان من القلائل الذين مروا على هذه الأمـــــــــــــــــــــــــة.
أتــــدرون مـــــن ذلـــــــــــك الغـــــلام ؟
انه الإمــــام أبـــو حنيفة صــــاحب المذهب الفقهي المشهور
توكلت في رزقي على الله خالقي وأيقنت أن الله لا شك رازقي .
ومن يكن من رزقي فليس يفوتني ولو كان في قاع البحار العوامق.
سيأت به الله العظيم بفضله ولو لم يكن من اللسان بناطق .
ففي أي شيء تذهب النفس حسرة وقد قسم الرحمان رزق الخلائق.
من أقوال الشافعي رحمه الله عز وجل
ليست هناك تعليقات