السر السابع:خطط لحياتك ومستقبلك، وتوكل على الله.
السر السابع:خطط لحياتك ومستقبلك، وتوكل على الله.
أكيد عزيزي القارئ، بأن التخطيط يمثل دورا جوهريا في حياتنا ككل، وممارساتنا اليومية عامة، فلا حياة متوازنة بدون تخطيط، فلا سعادة بعشوائية وبلا اتزان ونظام في رسم السبل المؤدية إلى تحقيق الرؤية(الهدف)،ومن تم كونك تخطط لمستقبلك يعني أنك ترسم طريقة وخطة مدروسة ، فعالة ومتكاملة لبلوغ الهدف، وعليه فالتخطيط هو عملية منهجية علمية دقيقة لتحديد الأهداف وطرق الوصول إليها أو سبل تحقيقها في مدة وغلاف زمني محدد حسب طبيعة الهدف ومدى قوته: هل إمكانية تحقيقه على المدى البعيد، المتوسط أو القصير؟ ! .
أخي الفاضل، أختي الفاضلة: فهمت معي الآن المعنى والمغزى من التخطيط، فكونك تخطط لمستقبلك وحياتك بأكملها يعني كذلك: انك تحدد رؤية وهدف بالإضافة إلى طريقة وكيفية الوصول إلى هذا الهدف، بمعنى: تجنيد كل الوسائل والآليات المتاحة والضرورية لبلوغ هدفك بالرغم من كل العوائق التي ستصاحبك في أثناء ممارستك كل خطة، ومن تم يمكن أن نقول بأن التخطيط هو مراحل، خطوات ومنهجيات ومحطات مدروسة في الطريق إلى النجاح والتميز.
دعني اضرب لك مثالا بسيطا، فلو انك تدرس في مستوى البكالوريا أو أي مستوى دراسي، وأردت أن تنجح وبميزة حسنة جدا في المستوى الذي تدرس به، ممتاز فأنت قد حددت أولا هدفك وهو التميز في مستوى البكالوريا. وبالتالي ماذا يلزمك بعد هذا لتحقيق هدفك على أكمل وجه؟، بالتأكيد يلزمك التخطيط ، يجب عليك أن تضع خطة مدروسة ومكتوبة بدقة تحدد فيها الطريقة المثلى التي تمكنك من الحصول على المجموع الذي ترغب فيه، وهذه الطريقة المثلى تتضمن محطات وإجراءات عملية فعلا، تتمثل مثلا في وضع جدول زمني يومي مكتوب ومدروس بعناية تامة تأخذ فيه بعين الاعتبار كل التزاماتك اليومية وواجباتك الدراسية دون إهمال الجانب الأسري، وتقسيمها على ساعات يومك، وبعد ذلك تجند كل الوسائل والآليات الدراسية التي تمكنك من التغلب على التحديات والصعوبات التي يمكن أن تعترض مسيرتك الدراسية خلال هذه السنة، وهنا دعني أقدم لك نصيحة أخوية ،إن كنت طالبا، فلاحا، موظفا...، إياك من أن تؤجل عمل اليوم لغد، حتى تتجنب تراكم الأعمال والواجبات اليومية : لا تؤجل عمل اليوم لغد أنجز عملك في أوانه، كما تقول الحكمة:" اضرب الحــديـد وهو ساخن حتى تستطيع تشكيله كيف ما تريد بطريقتك، لأنه إذا برد صعب عليك تشكيله بل ربما استحال تشكيله وبالكيفية التي ترغب".
بالطبع هكذا الحياة، قياس وعبرة وقدوة وتجاوز للأخطاء ، فأنت وأنا الآن بين سبيلين لنعيش حياتنا: إما أن نضع لمستقبلنا خطة مدروسة بعناية وبدقة لنعيش منظمين ومرتبين، لان الله تعالى خلقنا في نظام مبهر"لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون". وهذا بالتأكيد سر التوازن النفسي، فإذا كنت منظما لحياتك ومستقبلك، لشؤونك اليومية بل وحتى لمكتبك وغرفتك.
بالطبع ستشعر بارتياح تام مشرق، والسبيل الثاني هو: أن نعيش فوضويين عشوائيين وعندها سنسقط حتما في تخطيط الآخرين الذي يكون في الغالب المطلق ضد تقدمنا نحو النجاح، ومن هنا أقول لك ولنفسي:
فلا تنتظر يا 'خطة حياتك'، أن يتصدق عليك احد بالنجاح، لان هذا محال، وانتظر نورا جديدا يبزغ كل صباح لينير عقلك ويهديك إلى الطريق الصحيح التي تمكنك من الوصول بسلام إلى بر الأمان (رؤيتك التي رسمتها)، فأدعو الله جل في علاه أن يوفقك إلى طريق منير نحو هدفك النبيل، وفي مقابل ذلك ابذل مجهودا متواصلا لرسم خطة حياتك وتحديد السبل والاحتمالات التي ستسلكها في طريقك نـــحو القـــمة وبلوغ المراد.
إذن عزيزي القارئ، فالتخطيط يساوي العمل بارتياح وباستعداد تام لمواجهة كل التغيرات والتحولات التي يمكن أن تحدث في كل محطة من الخطة، وبالتالي فهو منهجية تمكننا من العيش في سلام وتوازن مع دواتنا ومع الآخرين، وحتى نتجنب الوقوع في التقليد الأعمى لخطط الآخرين.
لكل هدف ورؤية هو يريدها ولكل خطة وسبيل هو سالكها: فاهتم بحياتك ونجاحك.
أنت خطة حياتك ، أنت سعادتها ، أنت البداية والنهاية ، أنت البندقية التي ينطلق منها نجاحك بالفعل.
أنت ورغبتك المشتعلة في تنظيم وترتيب حياتك: إن أردت النجاح فأنت المسؤول، وان أردت العكس فانت صانعه لنفسك، فسارع إلى جنة عرضها السماوات والأرض ولا تسوف، بل الآن ابتسم واسعد لأنك تملك نعما فقدها الكثيرين..
' إن لم يكن لديك خطة لتحقيق هدفك ، فانه ليس هدفا بل وهما' إبراهيم الفقي رحمه الله.
فخطط لحياتك لأن:'رحلة
الألف ميل تبدأ بخطوة '- لو – تزو.
ربما تسأل عزيزي القارئ: وما هي الوسيلة التي يمكن التركيز عليها في التخطيط ؟.
الجواب بسيط: دعني بداية أسالك: ما هو أهم شيء تحتاجه للتخطيط لسفرك إلى مدينة ما؟ بالتأكيد ستقول لي : أن أكون على علم ومعرفة تامين بهذه المدينة وبطرق الوصول إليها، وإلا سأجد صعوبة كبيرة في بلوغها والاستمتاع بمآثرها ومناظرها الخلابة.
إذن الوسيلة واضحة: إنها المعرفة والعلم بالشيء الذي أريده وبطرق الوصول إليه، لان التخطيط يرتكز على عمليات فكرية مهمة والتي تحتاج بدورها لتغذية علمية معرفية مهارية ، سلوكية، قيمية..
يقول جيم رون:' البحث عن المعرفة
هو احد الخطط للوصول إلى السعادة والرخاء'.
ولذلك يلزمني أثناء وضع خطة حياتي أن أراعي فيها كل مواطن
القوة والضعف، وكل التحديات التي يمكن أن تداهمني في كل محطة وخطوة : يجب أن أكون على علم بالوقت والمكان الذي سأطبق فيه هذه المحطة، بمعنى يجب أن ابحث عن المعرفة وأحيط بكل حيثيات خطتي، لأنه :
كما يقول جيم رون:' وجود المعرفة
أو انعدامه يمكن أن يشكل مصيرنا'.
تابع معي يا من تريد النجاح، إليك كلمات تقطر وردا وإشراقا لتحيطك بنجاح العالمين والعارفين بخريطة حياتهم:
إنها نعمة المعرفة، كما جاء في كتاب 'لا تحزن' لكتابه عائض القرني:
* وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً *.
الجهلُ موتٌ للضميرِ وذَبْحٌ للحياةِ ، ومَحْقٌ للعمرِ * إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ*
والعلمُ نورٌ البصيرة ، وحياةٌ للروحِ ، ووَقُودٌ للطبعِ ، * أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا * .
إنَّ السرورَ والانشراحَ يأتي معَ العلم ، لأنّ العلمَ عثورٌ على الغامضِ ، وحصولٌ على الضَّالَّة، واكتشافٌ للمستورِ، والنفسُ مُولَعةٌ بمعرفةِ الجديدِ والاطلاعِ على المُسْتَطْرَفِ
أمَّا الجهلُ فهوَ مَلَلٌ وحُزْنٌ ، لأنه حياةٌ لا جديدَ فيها ولا طريفَ ، و لا مستعذَباً ، أمسِ كاليومِ ، واليومَ كالغدِ .
فإنْ كنتَ تريدُ السعادةَ فاطلبِ العلمَ وابحثْ عن المعرفةِ وحصِّل الفوائدَ ، لتذهبَ عنكَ الغمومُ والهمومُ والأحزانُ، * وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً * ، * اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ *. ((من يردِ اللهُ به خيراً يفقِّههُ في الدينِ )). ولا يفخرْ أحدٌ بمالِهِ أو بجاهِهِ ، وهو جاهلٌ صفْرٌ من المعرفةِ ، فإنَّ حياتَه ليستْ تامَّةً وعمرُه ليس كاملاً : * أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى * .
قال الإمام الشافعي :
سهري لتنقيحِ العلومِ ألذُّ لي مِنَ وَصْلِ غانيةٍ وطيِبِ عنِاقِ
وتمايُلي طرَباً لحلِّ عويصةٍ أشهى وأحلى من مُدامةِ ساقي
وصريرُ أقلامي على أوراقها أحلى من الدَّوْكاءِ والعشَّاقِ
وألذُّ من نقرِ الفتاةِ لدُفِّها نقري لأُلقي الرملَ عن أوراقي
يا مَنْ يحاول بالأماني رُتْبتي كمْ بين مُسْتَغْلٍ وآخرَ راقي
أأبيتُ سهران الدُّجى وتبيتهُ نوماً وتبغي بعدَ ذاكَ لحِاقي
ما أشرفَ المعرفة ، وما أفرحَ النفسَ بها ، وما أثلجَ الصدرَ ببرْدها ، وما أرحبَ الخاطرَ بنزولها ، * أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ *.
ومن لم يذق مر التعلم ساعة تجرع ذل الجهل طول حياته.
وذات الفتى والله، بالعلم والتقى إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته.
يقول الإمام الشافعي رحمه الله أيضا عن "التعلم"
ومن لم يذق مر التعلم ساعة تجرع ذل الجهل طول حياته.
وذات الفتى والله، بالعلم والتقى إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته.
وأخيرا عزيزي
القارئ أقول لك : -ليكن لك حماس ورغبة تشعلهما أنت بنفسك ومن داخلك، ولا تنتظر أن
يقوم بهذا الدور أحد فهذه حياتك ومصيرك ونجاحك، فلا تتخلى عليه لغبي انتهازي
جبان،لكن بمقابل هذا الحماس يلزمك معرفة ودراسة وعلم وتخطيط دقيق ،كما يقول المثل
الانجليزي:' حماس بلا معرفة نور بلا ضياء '.
فتعلم وعلم
وادرس وابحث وخطط، وحتما ستقع في قدر الله الأعظم، ذاك النجاح الذي لم تكن تتصور
قدره، انه كريم عز وجل في عطاياه. وعندها ستحيطك سعادة لم تكن تتوقعها لأنك بين
يدي الرحيم الرزاق الوهاب المعطي بغير حساب، والغفار بغير عتاب.
ليست هناك تعليقات